نظرة جديدة للهيمنة في إطار العلاقات الإقتصادية الدولية

يعالج البحث محل الدراسة جوهر وطبيعة العلاقات التي تحكم الأمم فيما بينها، فالهيمنة ظاهرة إرتبطت تاريخيا بالمجتمعات البشرية، وذلك منذ أن لجأت هذه المجتمعات إلى المبادلات من أجل إشباع الحاجة بعد أن كانت تعتمد على تحقيق ذلك بالاعتماد على الذات في ظل الاقتصاد الطبيعي المغلق أي أن كل ما ينتج يوجه للإستهلاك غير أن تحقيق الفائض نتيجة لتقسيم العمل الاجتماعي، دفع بهذه الأمم إلى المبادلات عملا منها للحصول على منتجات الأمم الأخرى وبذلك برز السوق السوق كإطار تتم فيه العمليات عن طريق المقايضة، ومع مرور الزمن وتطور وسائل الإنتاج نتيجة إحتكاك المجتمعات ببعضها البعض وتبادل المعارف والخبرات وإدخال النقود لحل معضلة المقايضة وبروز عوامل أخرى ساهمت جميعها في تشابك المبادلات وتنوعها فأخذت بذلك طابعا لم يكن مألوفا تولدت عنه النزاعات والصراعات بين الأمم التي تسعى كل منها للمحافظة والدفاع عن مصالحها والتي لازالت إلى يومنا هذا وكأن التاريخ يعبد نفسه رغم الفارق الزمني والتحولات التي عرفتها المبادلات الدولية، ومن هنا تولدت لدينا الفكرة للقيام بهذا البحث من أجل تحديد معالم ظاهرة الهيمنة وذلك لجملة من الأسباب الدافعة والمشجعة منها قلة الأبحاث التي عالجت هذه الظاهرة، حيث إختص الفكر الماركسي بمعالجتها إلا أن هذا الفكر إعتمدها كنتيجة –ولم يتخذها أبدا غاية- من خلال نقدهم لنمط الإنتاج الرأسمالي من خلال مراحل تطوره، كما عولجت من خلال إهتماماتهم المتعلقة بدراسة ظاهرة التخلف وفي هذا الإطار لا نجد سوى أطروحة وحيد إعتمدت الهيمنة إلا أنها ركزت على مفعولها وإستخدمت في ذلك التحليل البنيوي، كذلك قلة الدراسات باللغة العربية للظاهرة محل الدراسة، ضف إلى ذلك أن البحث محل الدراسة يمثل إستكمالا لبحثنا السابق (الماجستير) الذي من خلاله عملنا على معالجت الظاهرة من خلال أطروحات التجارة الدولية، هذه الأسباب مجتمعه، بالإضافة إلى دوافع أخرى منها إعتبار الهيمنة ظاهرة مرتبطة بالمواضيع الاجتماعية وإعتبارها ذات بعد فلسفي ومن ثمة فإنه من الأهمية بمكان تكميمها عن طريق تحليل هيكل العلاقات الاقتصادية الدولية وهذا ما يمثل إحدى أهداف هذا البحث بالاضافة إلى أهداف أخرى منها تحديد نظرة جديدة للهيمنة في ظل المعطيات الاقتصادية الجديدة منها أقول المعسكر الاشتراكي وتوقيع جولة الأروغوي والأنفاق على إنشاء المنظمة العالمية للتجارة كبديل للاتفاقية العامة للتجارة الدولية والتعريفية الجمركية وبروز التكتلات الإقليمية وعلية نتساءل عن مستقبل الدول المتخلفة في ظل هذه المتغيرات التي تمثل معالم النظام الدولي الجديد الذي تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على تنفيذه

لقد ورد مصطلح الهيمنة في القران الكريم باعتباره اسما من أسماء الله الحسنى (المهيمن) فهذا المصطلح يقابله في الشرح اللغوي معنى الشاهد عليه أي القيام على الشيء جعل الفعل لها وهؤلاء لأربابها القوامين بالأمور ، كما تعني أيضا الرقيب أي اذا كان رقيبا على الشيء وا الشرح الشائن في لسان العرب، اما مرادفه في اللغة الأجنبية فإنه يعني Hégémonie وهي من أصل كلمة يونانية Hégémonie التي تعني – حسب لاوس الكلاسيكي – تسلط مدينة او دولة على غيرها من الدول وقد استخدم لأول مرة لتفسير النزاع الذي قام بين اسبرا وأثينا من اجل الهيمنة على اليونان .أما السيطرة التي تقابلها باللغة الأجنبية Domiation فانها تعني التفوق او النفوذ هي بذلك تمثل أحدى أشكال اَلهيمنة ومن هنا جاء اختيارنا لمصطلح الهيمنة لأنها تعبر عن التسلل والنفوذ والقوة وحتى التحكم وينجم عنها مظاهر شتى كالاستبداد والظلم والبؤس وكلها خصائص مرتبطة بالعلاقات الاجتماعية إلا أنها في دراستنا ستأخذ طابع التحليل الكمي من خلال ربطها بإطار العلاقات الاقتصادية الدولة التي تهتم بدراسة جميع أوجه النشاطات الاقتصادية والتي تتم بين الكيانات القطرية – أي بين الدول – من خلال تبادل السلع والخدمات ورؤوس الأموال – ولقد برزت هذه النشاطين منذ القديم أي مند أن عرف المجتمع البشري المبادلات والحركة الدءوبة التي ساهمت في بناء المدينات المتعاقبة في التاريخ القديم والوسيط وحتى الحديث وعليه فإننا من خلال هذا البحث سنعمل على على مخالفة القاعدة العامة التي تنطلق من وجود نظامين اقتصاديين عالمين احدهما قديم والآخر متمثل في النظام الحالي.ومن ثمة سنفترض وجود أكثر من نظامين وبعبارة اخرى سنعمل على تحدبد معالم الأنظمة التي سايرت العصور التاريخية وذلك بهدف تحديد الأصول التاريخية لها التي من خلالها يمكن تحديد ظاهرة الهيمنة لا سيما وأنها ظاهرة مرتبطة تاريخنا بتطور المجتماعات والهدف من وراء ذلك متابعة تطور هذه الظاهرة في ظل التطورات التي عرفتها الأمم وإذا اعتبرنا أن الهيمنة كظاهرة تحكمها جملة المحددات الثابة وأخرى متغيرة بحيث تتمثل العوامل الثابة في التسلط والقوة والنفوذ لأمة من الأمم على باقي الأمم الأخرى أما العوامل المتغيرة فتعنى الأساليب المستخدمة عبر العصور لبلوغ ذلك مستحيلا فماهي اسباب ذلك ؟ ومن ثم فإننا من اجل التحقيق من هذه الفرضية الأولى حددنا الفترة التاريخية بالعصور القديمة واخترنا لذلك مدنية الرومان كنموذج لدراستنا على ضوئها سنتحقق من صحة هذه الفرضية أي مدى إمكانية تحديد نظام اقتصادي عالمي بالفترة محل الدراسة وإمكانية استخلاص العوامل المتغيرة للهيمنة المميزة للعصور القديمة .على نفس المنوال سنعمل على التحقيق من الفرضية السابقة بالنسبة للعصور الوسطى ، هذه المرحلة التاريخ الهامة تميزت بانتشار الإسلام وقيام الدولة الإسلامية التي مرت بمرحلتين أولهما مرحلة الدولة ذات السلطة المركزية الموحدة والتي اقترنت بعصر الفتوحات ، اما المرحلة الثانية فهي تمتاز بالانقسامات وانتشار الدويلات ومن ثم فإنه من الأهمية بمكان معالجة الفرضية السابقة الذكر على مرحلتين للتأكد من النظام الاقتصادي العالمي للعصور الوسطى ومن ثمة هل يمكن القول بأن هناك نظامين اقتصاديين عالميين لمرحلة العصور فإن كان كذلك فكيف يمكن التمييز بينهما وماهي أهم خصوصيات كل منهما وإذا كان نفس النظام قد ساد المرحلة كلها فكيف يمكن تحديده في ظل الغييرات السالفة الذكر ومنه كيف يمكن استخلاص المتغيرات الخاصة بالهيمنة سواء في حالة وجود ان العصور الوسطى قد شهدت احداثا هامة وتحولات جذرية في تاريخ البشرية نذكر منها انتشار الوعي الديني والاجتهادات العلمية لا سيما في ميدان الترجمة وظهور بعض الاختراعات التي ساهمت في تطوير وسائل الانتاج كان الفضل في ذلك للمسلمين الذين لم يحتكروا هذه العلوم والمخترعات بل سمحوا بتداولها وتنقلها بين الأمم دون قيد او شرط لكن الفكر الاقتصادي خلال هذين العصرين لم يكن مستقبلا بل كان متناثرا في مساهمات المفكرين لهذا العصر ووردت في مؤلفاتهم سواء الدينية والفلسفية هذا الفكر وهذا الاندفاع نحو طلب العلم ونقل العلوم سيكون له اثر كبير على التحول الذي شهده العصر الحديث الذي اقتصرت بالبعث الجديد بالنسبة للأمم الأوربية أو عصر النهضة كما اصطلح على تسميته ، بينما سيكون سلبيا بالنسبة للأمم الأخرى لاسيما الإسلامية التي ركنت الى الجمود بسبب الانحطاط الذي هز كيانها وهكذا انقلبت موازين القوى مرة أخرى .لقد اقترن العصر الحديث – كما ذكرنا – بالنهضة الأوربية مساير العهد الاكتشافات الجغرافية والبحث عن طريق الهند الذي مكنهم من اكتشاف العالم الجديد ، وذلك لم يكن لولا التحولات التي شاهدتها أوروبا على المستوى الداخلي من خلال الاصطلاحات التي سنت أنظمة الحكم والكنيسة وحتى الفكر من ناحية وطرد المسلمين من الأندلس من ناحية أخرى هذه الاصطلاحات والتحولات الجذرية حققت نتائج هامة منها السياسية كالثورة الفرنسية وتوحيد ايطاليا وكذلك المانيا والنزعة الوطنية التي ولدت قيام دول أخرى ومنها الاقتصادية كالثورة الصناعية التي ظهرت بانجلترا ثم فرنسا لتشمل بعد ذلك دول اروبا ، وفي ظل هذه التحولات المسارعة سنعمل على التحقق من الفرضية السابقة والمتعلقة بوجود نظام اقتصادي عالمي خاص بهذه المرحلة فاذا كان ذلك ممكنا فما هبي اهم معالمة وكيف يمكن تحديده؟ ولقد امتازت المرحلة التاريخية الهامة بظهور محاولات فكرية لفصل الاقتصاد عن فلسفة العلوم بدءا بمحاولة الفرنسي أنطوان دي مونكرتيان إلا انها لم تفلح في ذلك ومن اهم الأفكار التي سادت وإنتشرت خلال هذه المرحلة الهامة نجد الفكر التجاري والفكر الطبيعي اللذين عملا على تحدبد مصادلر الثورة ولقد جاءت هذه المقولات مترجمة للنهضة والبعث الجديد الذي تشهده أوربا ومن ثمة عكس هذا الفكر الواقع الذي يكتنفه والتحولات التي تشهدها أوروبا ومن ثمة عكس هذا الفكر الواقع الذي يكتنغه والتحولا التي تشهدها مجتماعاتهم ولم يتحقق فصل الاقتصاد عن فاسفة العلوم العلوم الا بعد صدور كتاب أسباب وطبيعة ثورة الأمم للمفر اذم سميث الذي اجمع المختصون على انه مؤسس علم الاقتنصاد السياسي ورائد المدرسة التقليدية التى تضم روادا آخرين امثال ريكارود ميل وغيرهم .لقد تزامن ظهور هذه المدرسة وقيام الثورة الصناعية لاسيما في بريطانيا وفرنسا، وقد تأثر هذا الفكر بهذا التحول الذي تشهده هذه الدول، وهكذا برزت أطروحات التجارة الدولية التي جعلت من التخصص وتقسيم العمل الدوليين غاية لأبحاثهم من أجل إبراز جدوى التجارة الدولية، ولربما هذا السبب الذي جعلنا نسلط الضوء على الفكر ومحاولة إسقاطه على الوقائع الإقتصادية التي ميزت التاريخ الحديث الذي يبدأ مع الثورة الفرنسية في سنة 1789 وفي ذات الوقت يعتبر التاريخ الذي يحدد للنظام الإقتصادي العالمي القديم.بينما النظام الحالي فإنه يمتد من نهاية الحرب العالمية الثانية إلأى يومنا هذا، وهكذا إمتازت هذه المدة – أي القرنين- بتطور الفكر الإقتصادي، إلأ أن الفضل يعود للمدرسة التقليدية في وضع اللبنة الأولى في مجال التجارة الدولية، ولقد قامت المدارس التي تلتها بإستغلال هذا الإنجاز وإستخدموا لذلك جملة من الفرضيات والأدوات المميزة إنطلاقا من الفلسفات المؤطرة لكل مدرسة، فهل يمكن التمييز بينها من خلال الحجج التي إستندت إليها كل منها؟ وحسب إعتقادي فإن بلوغ هذه الغاية تعد من الأولويات من أجل فهم جوهرة هذه الأطروحات ولايمكن تحديد ذلك إلا من خلال إستخدام التحليل الإستيمولوجي وذلك لكونها قضايا دقيقة تمتاز ببعد معرفي تحتاج إلى تدقيق من أجل تحديد معالم النظام الإقتصادي العالمي القديم والحالي ومنه يمكن التوصل إلى إستخلاص الهيمنة الذي ميزت هذه المرحلة التاريخية الهامة.وهكذا فإن الإجابة على هذه الفرضيات – السالفة الذكر- وتحديد المتغيرات للظلهرة محل الدراسة، ستبرز لنا جوهرة هذا التطور التاريخي الذي لم يكن من باب الصدفة بل جاء نتيجة لجملة من العوامل والأسباب أثرت في طبيعة العلاقات التي تحكم فيما بينها، والتي لايمكن تحليلها وتشخيصها - وهذا حسب إعتقادي- إلأ من خلال التحليل الكمي لهيكل المبادلات وهذا لا يتحقق إلا في إطار ميزان المدفوعات – ةهذا بالنسبة للنظلم الحالي- وذلك من أجل تحديد النظام الدولي الحالي الذي تم إرساء قةاعده بعد الحرب العالمية الثانية، إذ يترجم هذا الميزان حركة السلع والخدمات زكذلك رؤوس الأموال وبالتالي فإنه يترجم الوزن النسبي للأمة بين الأمم من جهة، كما يعتبر المرآة التي تعكس صلابة الإقتصاد للدولة محل الدراسة الإقتصاد للدولة محل الدراسة من جهة أخرى، ومعيار ذلك الفائض أو العجز وهكذا أنشأ الصندوق النقدي الدولي الذي أوكلت به مهمة معالجة الإختلالات التي تصيب موازين المدفوعات للدول الأعضاء.ومن ثمة فإنه يمثل أفضل نموذج تبرز من خلاله فلسفة الفكر المعاصر ويعكس بحق طبيعة النظام الدولي الحالي لاسيما فيما يتعلق بحركة رؤوس الأموال والنتائج المترتبة عنها ويبرز ذلك وضوح من خلال معاملته مع الدول المتخلفة التي تعاني من المديونية، وفي هذا السياق سنركز على الجزائر كنموذج توضيحي للعلاقة القائمة مع الصندوق النقد الدولي لاسيما في الآونة الأخيرة أي خلال الفترة الممتدة من 1990-1995، إذ ينعكس هذا النموذج آليات الصندوق المطبقة على الجزا ئر ومن ثمة على كل الدول التي تعاني إختلالات في موازين مدفوعاتها وكذلك من اللمديونية ، وفي هذا السياق من الأهمية بمكان تقديم بعض الأمثلة التوضيحية لعلاقة هذه المؤسسة الهامة مع الدول المتقدمة لاسيما الكبرى، وبناءا على ذلك يمكن إستخلاص متغيرات الهيمنة التي بواسطتها يمكن الإجابة عن السؤال المطروح سابقا والمتمثل في مستقبل الدول المتخلفة في ظل التحولات من أجل إرساء النظام الدولي الجديد.من أجل الإلمام بالموضوع محل الدراسة وتحقيق الأهداف المسطرة آنفا فإننا نعتمد المنهجية التالية:1- قبل الإجابة على الأسئلة السالفة التي تمثل أهداف هذا البحث والتحقق من الفرضيات السابقة، فإننا سنقوم بشرح بعض المفاهيم الأساسية التي سنيتخدمها في البحث محل الدراسة، ومن أهم هذه المفاهيم نذكر التحليل الإبستيمولوجي (نظرية المعرفة) وعلاقتها بالموضوع وذلك من خلال تحديد ماهية هذا التحليل والوقوف على أهم مواحل البحث العلمي، ومن ثمة نسلط الضوء على المناهج المستخدمة لاسيما في البحث وجدواها العلمي.وفي هذا الإطار سنعمل على إماطة اللثام عن البنيوية والمنهج البنيوي تمهيدا لنظرية مفعول الهيمنة، كما سنتطرق في هذا الفصل الخاص بالمفاهيم الأساسية إلى التمييز بين إصطلاحي المذهب والمدرسة وهذا دائما بإستخدام الإبستيمولوجيا وقد يبدو هذا التمييز غريبا نوعا ما إلا أنه ضروري ويعد ذو أهمية بالغة لاسيما وأننا نعمل على وضع نظرية جديدة للهيمنة ومن ثمة فإن هذا البحث بقدر ما يعد بحثا في إطار العلاقات الإقتصادية الدولية إلا أنه يمكن تصنيفه أيضا ضمن الفكر الإقتصادي، ولقد راودتنا فكرة التمييز بين هذه الإصلاحات للغموض الذي يحيط بها حتى لدى المختصين، ونفس الشيئ بالنسبة لإصطلاحي الإقتصاد الدولي والإقتصاد العالمي، إذ يجب التمييز بينهما لاسيما وأن البحث سعى إلى تحديد هذه النظام أو ذاك من أجل تحديد الظاهرة محل الدراسة، ومن ضمن المفاهيم التي سنحاول إماطة اللثام عنها التحول من المرحلة التنافسية إلى المرحلة الإحتكارية ومميزات كل مرحلة وذلك إستجابة لمتطلبات البحث.2- نعمل في هذه الخطوة على إتباع المنهج التاريخي وهذا للتأكد من صحة الفرضية التي مفادها أن لكل عصر نظاما إقتصاديا عالميا له خصوصياته التي تميزه، ومن هنا سنعمل في هذه الخطوة على دراسة المدينة الرومانية من حيث سماتها الإجتماعية والإقتصادية وعلاقتها بالمدنيات الأخرى من جهة وكذلك الأمم المجاورة لها وأسباب التوسع وضم الأقاليم وغيرها من السمات التي تساعد على تحديد النظام الخاص بهذه المرحلة والذي يعكس بحق طبيعة المعاملات الإقتصادية للعصور القديمة – كما تتضمن هذه الخطوة مرحلة العصور الوسطى وذلك من خلال التركيز على الحضارة الإسلامية على مرحلتين، أولهما مرحلة الفتوحات وعلاقة هذه الدول بالأمم الأخرى وثانيها - أي المرحلة الثانية- مرحلة الإنحطاط وإنتشار الدويلات، وعليه سنعمل على التأكد من الفرضية الثانيةوالتي تتعلق بوجود نظام أو نظامين لمرحلة العصور الوسطى مع التركيز على الصراع الموجود بين الشرع والغرب إن صح التعبير.وأخيرا تتضمن هذه الخطوة دراسة العصر الحديث وكيف إنقلبت موازين القوى والأسباب التي ساعدت على ذلك والتي ساهمت في إرساء النظام العالمي للعصر الحديث، ومن خلال هذا الفصل سوف نركز على إستخلاص متغيرات الهيمنة، علما بأن العوامل الثابتة تنطبق على كل العصور والمتعلقة بالتسلط والنفوذ والقوة بينما العوامل المتغيرة فإننا نعني بها الميكانيزمات التي تطبق والتي تختلف من عصر لآخر، وفي هذا السياق سنتطرق إلأى المذهب التجاري والمذهب الطبيعي لكونهما نتاج هذا العصر ويعكسان إنشغالات وإهتمامات هذه المرحلة من التاريخ، لاسيما وأنها وتألقا في عصر البعث الجديد Renaissance– أو النهضة- الذي تميز بظهور الرأسمالية في شكلها الأول أي في مرحلتها التنافسية3- لقد خصصنا هذه الخطروة لدراسة نظريات التجارة الدولية، وهذا ما يبرز عدم تطرقنا للمرحلة المعاصرة التي حددت تاريخنا بقيام الثورة الفرنسية أي أنها تزامنت وقيام الثورة الصناعية، وعليه نعتقد بأنها من الناحية التاريخية مرتبطو بظهور المدرسة الكلاسيكية وذلك من خلال كتاب وأسباب وطبيعة ثورة الأمم ولذلك عمدنا إلأى طرح هذه النظريات التي إهتمت بالتجارة الدولية وعليه نتسأل خلال هذه الخطوة عن مدى إمكانية إعتبار أطروحتي التكاليف النسبية والقيم الدولية كإطار نظري سارت عليه باقي الأطروحات الأخرى التي عالجت نفس الموضع؟ فالإجابة على هذا السؤال يتطلب إستخدام التحليل الإبستيمولوجي وتوظيف المفاهيم المشار إليها آنفا، إذ نعني بالإطار النظري ذلك الجسم أو الحيز الذي تبنى فيه النظرية بالإعتماد على جملة من العناصر التي تعطيها صبغة البحث العلمي المبني على منهجية معينة ومحددة.وعليه من أجل التحقق من الفرضيات السابقة، فإننا سنقوم بمناقشة جملة من الأطروحات التي عملت على إبراز حقيقة المعاملات من خلال الميكانيزمات المسيرة لها مستخدمة لذلك جملة من الفرضيات وأدوات العمل الخاصة بكل أطروحة وعليه نقسم هذه الأطروحة إلى قسمين: أين القسم – أو الفريق الأول- الذي يمثل الإتجاه الإيجابي : إنكب على إثره ممارسة التجارة الخارجية من خلال إبراز جدواولها وفعاليتها، بينما عمد القسم الثاني – أو الإتجاه الثاني- الذي يمثل الإتجاه المضاد إلى نقد ومحض هذه الأطروحات شكلا ومضمونا وتقيدنا بإستخدام نمادج حديثة تبرهن على وجود تغيرات لايمكن بكل حال من الأحوال إهمالها أو إسقاطها من التحليل، ومع ذلك فإننا نحاول إثبات الفرضية السالفة الذكر والتي مفادها أن الفريقين بالرغم من تناقضهما إلا أنهما لم يتمكنا من التخلص من البناء الكلاسيكي للموضوع محل البحث والمتعلق بالتجارة الدولية، بالتحديد نظريتي النفقات النسبية لريكاردو ومن جهة ونظرية جون استيوارت ميل للقيم الدولية من جهة أخرى، وعليه إذا تحققت هذه الفرضية فإنه يمكن القول عندئد بأن الفضل يعود للكلاسيك في وضع اللبنة الأولى في التجارة الدولية والعمل على إبراز أهمية التخصص وتقسيم العمل الدوليين، وعليه فإن عرض أهم هذه الأطروحات سواء من الفكر الليبرالي أو الفكر الماركسي، سيكرس لهذا المجهود من أجل تحديد معالم دقيقة للهيمنة والتي تعد بمثابة ظاهرة لايمكن في نظرنا الوقوف على حقيقتها إلا في إطار العلاقات الإقتصادية الدولية، ومن ثمة إلى أي مدى يمكن أن يمتد هذا البعد الدولي.4- تعالج أطروحة مفعول الهيمنة لفرنسوا بيرو إنطلاقا من الوحدة البسيطة لترقي بعد ذلك إلى الوحدة المركبة ومفعولها على الصعيد الوطني ثم إنعكاساتها على الصعيد العالمي، ولقد إعتمد هذا التعليل على المنهج النيوي الذي يمثل نظاما من العلاقات الثابنة الكامنة وراء بعض المتغيرات، فهي كل مكون من الظواهر متماسكة يتوقف كل منها على ما عداه ولا يمكنه أن يكون ما هو إلا بنقل علاقته بما عداه، زهكذا فإن البنيوية – كما سنرى- عبارة عن تجريد نظري مستنبط منطقيا من نموذج شبه رياضي لعناصر ظاهرية معينة.في هذه الخطوة سنقوم بعرض الأطروحة في حد ذاتها من خلال التركيز على أهم مقوماتها وفي نفس الوقت سنقوم بإتباع المنهج ذاته من خلال إسقاط النتائج المتوصل إليها على المشروعات المتعددة الجنسيات فهذه المشروعات العملاقة ظهرت في مرحلة متطورة من النظام الرأسمالي ولقد لاقت إهتمام الباحثين في مجال إقتصاد المؤسسة الذين حاولوا تحديد طبيعتها وأهدافها كما بحثوا في الإستراتيجيات والسياسات المختلفة التي تنتهجها التي تعد بمثابة سر للنجاح الذي حققته من خلال إنتشارها عبر العالم ومن أجل تجسيد هذه السياسات وبلوغ الأهداف المسطرة فإنها توفر لذلك الأسباب الكفيلة والضامنة للوصول إليها ومن أهم هذه الوسائل وفرة رأس المال ويبرز ذلك من ضخامة رقم الأعمال وكذلك تأمين الأسواق لتصريف المنتجات من جهة والحصول على الموارد الأولية والعمالة بأثمان زهيدة من أجل تعظيم أرباحها فما هي حينئذ العلاقة بين مفعول الهيمنة لفرانسوا بيرو وأنشطة هذه المشروعات العملاقة التي أصبحت تتمتع بالقدرة على المساومة والتفاوض وتفرض سياساتها من خلال حكومات مواطنها الأصلية التي تسعى جاهدة إلى تكييف القوانين الدولية وقرارات المؤسسات الدولية لخدمة مصالح هذه المشروعات فكيف يتم ذلك وما هو موقعها في النظام الإقتصادي العالمي؟5- إذا كانت المشروعات المتعددة الجنسيات، تمثل إحدى دعائم النظام الحالي فإن المؤسسات المالية الدولية ترتبط إرتباطا وثيقا بميلاد هذا النظام عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وذلك في مؤنمة هام وجهت الدعوة إلى 44 دولة لمناقشة معوقات النظام النقدي الدولي الذي لم يعرف إستقرار منذ نهاية الحرب العالمية الأولى بالرغم من محاولات التي سعن خلال المرحلة لما بين الحربين لتذليل العقبات منها مؤتمر بروكسل وكذلك مؤنمر جنوة إلأ أنها باءت جميعها بالفشل لعدم توفر الشروط اللازمة لإنجاز وإحترام تطبيق الإتفاقيات، وهكذا عمل المؤتمرون ببروتن وودز على الإستفادة من التجارة الماضية، ولقد توفرت الإدارة لدى جميع الأطراف لاسيما الدول المتحالفة في الحرب العالمية الثانية على إنشاء مؤسسات توكل لها مهمة الإشراف على النظام النقدي الدولي، وهكذا تم الإتفاق على إنشاء المؤسستين التوأمتين وهما: البنك الدولي لإعادة الإنشاء والتعمير والصندوق النقدي الدولي، وفي دراستنا سنركز على الصندوق من أجل إستخلاص متغيرات الهيمنة من خلال الميكانيزمات التي يطبقها على الدول لاسيما المتخلفة وهذا لايمكن تحقيقه حسب رأيي إلا من خلال مناقشة الأحكام الأساسية (Statut) والتعديلات التي أدخلت عليها من أجل بلوغ هذه الغاية، وفي هذا السياق سنحاول إماطة اللثام عن علاقته بالدول المتخلفة لاسيما بعد إنفجار أزمة المديونية سنة 1982 والحلول المقترحة لتجاوزها والوسائل الجديدة التي سنها لمواجهة هذه الوضعية الصعبة، وعليه فإن إختيارنا للصندوق، جاء نتيجة النشاطات المكثفة التي تشهدها هذه المؤسسة لاسيما في العقد الحالي، ومن ثمة فإن النتائج التي يمكن إستخلاصها من دراسة هذه المؤسسة يمكن نعميمها على البنك الدولي وكذلك فروعه.6- تعد الإتفاقية العامة للتجارة والتعريفة الجمركية (الجات) إحدى الدعائم الأساسية التي قام عليها النظام الحالي بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، ولقد جاءت فكرة التوقيع على هذه الإتفاقية بعد إقتراح المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر دولي لمناقشة سبل تطوير التجارة الدولية، ولقد عمدنا إلى إختيار هذا التنظيم –أي الجات- لإستكمال الدراسة لكونها تعالج ظاهرة الهيمنة في مجال المبادلات الدولية، وعليه سنعمد إلى تحايل ظروف التوقيع علىالإتفاقية ومناقشة الأحكام الاساسية لها ومحاولة إستخلاص متغيرات الهيمنة منها، كما سنعمل على دراسة الجولات التي إنعقدت إبتداءا من جولة جنيف إلى الأورغواي ومن ثمة مناقشة آفاق الإتفاقية ومستقبلها لاسيما بعد الإعلان عن إستبدالها بالمنظمة العالمية للتجارة والتوقيع على إطارها القانوني والأحكام التي تضمن سيرها في دورة مراكش وعليه نتسأل عن خلفيات إنشاء هذه الممظمة والدور الجديد التي ستلعبه لاسيما وأن العالم مقبل على نظام جديد تعمل الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية على إرساء قواعده.7- لقد خصصنا حيزا لدراسة الإقتصاد الجزائري من خلال أسباب الأزمة الإقتصادية التي تبتت العزيمة من أجل إرساء إستراتيجية تنمية تمكن الأمة من الخروج من دائرة التخلف واللحاق بالأمم الراقية، وهكذا برزت هذه الأزمة مع منتصف الثمانينات وبالتحديد في 1986 بسبب تدهور أسعار المحروقات وقد أدت هذه الازمة إلى وقوع أحداث خطيرة نتج عنها قرار إنهاء العمل بالدستور لعدم مواكبته للتغيرات الجديدة وطرح دستور جديد في 1989 ومنذ ذلك التاريخ تعاقبت الحكومات على السلطة وهمها الوحيد تجاوز الأزمة التي تشابكت خيوطها لكنها لم تفلح في ذلك بسبب عدم الإستقرار السياسي والأمني وكذلك نتيجة لتدهور الوضع الإقتصادي وترديه، وإنطلاقا من ذلك سنحاول مناقشة مظاهر الأزمة الإقتصادية وفي نفس الوقت عرض البرامج الحكومية، هذه البرامج التي وضعت تحت قيود متعددة أهمها قيد المنديونية الخارجية من ناحية وقيد شرطية صندوق النقد الدولي الذي لجأت إليه الجزائر سعيا منها لمعالجة الإختلالات الخارجية من ناحية وضمان مصادر لتمويل برنامج التصحيح الهيكلي من ناحية أخرى، ضف إلى ذلك قيد ضرورة تحرير التجراة الخارجية وإعتماد قانون الإستثمار وطلب الجزائر الإنضمام إلأى الجات ومن ثمة نتسأل عن الجدوى من طلب الإنظمام، وعليه فإن إزاحة النقاب عن هذه الجوانب ستمكننا من تجسيد متغيرات الهيمنة على الإقتصاد الجزائري الذي يمثل إحدى النماذج للدول المتخلفة التي تعاني من أزمة المديونية وموقعها منه؟إن دراستنا للهيمنة وإعطائها بعدا تاريخيا ستسمح لنا في تهاية المطاف من تحديد العوامل الثابية أي تلك العوانل المشتركة لكل العصور، كما ستمكننا من تحديد العوامل المتغيرة بمعنى العوامل الخاصة بكل عصر.ومن ثمة سنسعى إلى تحديدها في النظام الحالي وهل يمكن إستخلاصها بالنسبة للنظام الدولي المترقب؟ وفي هذا السياق فإن دراستنا تعد إستكمالا لدراستنا السابقة بالماجستير التي عالجت نفس الظاهرة ولكن من خلال أطروحات التجارة الدولية، بينما البحث محل الدراسة يعالج نفس الظاهرة ولكن في إطار أكثر شمولية والمتمثل في العلاقات الإقتصادية الدولية، والظاهرة في حد ذاتها لم تلق إهتمام الباحثين في مجال العلوم الإقتصادية ولانجد سوى تلك الأبحاث الخاصة بالمدرسة الماركسية والمتعلقة بالتخلف والتي تجعل من الظاهرة نتيجة ملازمة لسلوكيات أسلوب الإنتاج الرأسمالي، إلا أننا قمنا بجعلها جوهر البحث وعمدنا إلى إثبات بأنها غير مقيدة بالزمان والمكان بل هي نتاج المعاملات الدولية وهذا ما أدى بنا إلى الغوص في أعماق التاريخ لتأكد فرضيتنا السابقة الذكر، وهكذا جاء بحثنا مقسما على النحو التالي:الفصل الأول:مفاهيم أولية خاصة بمنهجية البحث، والذي سنعمل فيه على توضيح بعض الأدوات الضرورية التي ستتردد مع الباحثين خلال إنجاز البحث، وسنركز في هذا المجال على أهمها.الفصل الثاني:في هذا الفصل سيعكف الباحث على تحديد النظام الإقتصادي العالمي الخاص بكل مرحلة تاريخية، ومن ثمة يسعى إلى التحقق من فرضيته الخاصة بهذا الموضوع والتي على ضوئها يتم إستخلاص متغيرات الهيمنة.الفصل الثالث:الهيمنة من خلال أطروحات التجارة الدولية، إنطلاقا من كون هذا الموضوع تم معالجته في رسالة الماجستير فإن الباحث سعى إلى إستخدام التحليل الأبستيمولوجي مركز على النتائج المتوصل إليها في هذه المرحلة من ناحية، ومن ناحية أخرى بإعتبار هذه الأطروحات تعكس حقيقة النظامين الإقتصاديين العالميين القديم والحالي.الفصل الرابع:أطروحة مفعول الهيمنة ليبرو، لقد تم تخصيص فصلا مستقلا لهذه الاطروحة لعلاقتها المتينة بالبحث محل الدراسة، من جهة، ولكونها تعتمد التحليل البنيوي من ناحية أخرى، وفي هذا السياق يسعى الباحث إلى إستخدام الإستدلال الإستنباطي من خلال عملية إسقاط نتائج هذ الاطروحة على طبيعة وإستراتيجية المشروعات المتعددة الجنسيات ومن ثمة إستخلاص المتغيرات الخاصة بالهيمنة.الفصل الخامس:الهيمنة من خلال الميكانيزمات صندوق النقد الدولي، ولقد خصص الباحث فصلا لهذه المؤسسة لكونها تمثل إحدى دعائم النظام الحالي من جهة، ولكثافة نشاطها في الدول المتخلفة، ومن ثمة سيعمل على إستخلاص متغيرات الهيمنة من خلال إماطة اللثام على ميكانيزمات هذه المؤسسة الدولية الهامة التي تعكس سلوكات ماعداها من المؤسسات الدولية لاسيما المالية منها.الفصل السادسالهيمنة من خلال نشاطات الإتفاقية العامة للتجارة التعريفة الجمركية، حيث سعى الباحث إلى تحليل المفاوضات التي تتم تحت إشراف الجات والتي تعكس بحق جوهر الصراع مابين إنشغالاتها ومشاكلها ومن هنا ينطلق الباحث لإبراز متغيرات الهيمنة وإنطلاقا منها يحاول وضع تصور لمستقبل المبادلات الدولية في ظل المنظمة العالمية للتجارة.الفصل السابع:الهيمنة من خلال إندماج الإقتصاد الجزائري في الإقتصاد العالمي، وفي هذا الفصل يركز الباحث على المرحلة التي تلت الأزمة لاسيما الفترة 1990-1995 والعمل على تحديد وحصر الأزمة وطبيعة العلاقات مع الصندوق النقد الدولي وجدوى إعتماد تحرير التجارة الدولية.الخاتمة:تتضمن الخاتمة الإستنتاجات العامة المتوصل إليها ومحاولة وضع نظرة جديدة للهيمنة مع تحديد مستقبل الدول المتخلفة في ظل النظام الدولي الجديد الذي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إرساء قواعده

Aucun commentaire: